الحلال والحرام في العلاقات الإجتماعية:
المقدمة :
قبل ان نتكلم عن حالات الاجرام من القتل ، علينا نحدد الصراع بين الانسانية والحيوانية في الانسان لنشاهد عن كثب ما هي الدوافع التي تدفع بالانسان الى ارتكاب الفواحش .
لقد احتدم الصراع بين الانسانية الخيرة والحيوانية الشريرة على النفس البشرية منذ تقبل الله من احد ولدى ادم قربانه ولم يتقبل من الاخر ، فلودت الطبيعة الحاقدة الشر الذي لم يقنع الا بالدم .
دم الأخ المهراق الذي اشتقت به الحيوانية الثائرة في نفس أخيه ، وكان ذلك او صراع دموي في تاريخ البشرية قصه القرآن ( فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ).
وهكذا صارع الشر الاحمق الخير الوداع المستسلم الذي تجلت صورته في قوله ( لئن بسطت الى يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي إليك لأقتلك ) لان صاحب الوداعة يخاف الله رب العالمين ، اما القاتل الخاسر فقد باء بالاثم ونار الندم وعقاب الله .
فهل ينتهي صراع الانسانية والحيوانية في الانسان بانتصار الفضيلة واجتماع القلوب حولها مخلصة للخير صادقة في عملها لا تبتغي الا رضوان الله
العقاب :
هذه الجرائم التي عجل الاسلام بتوقيع العقاب عليها في الدنيا لها من الخطورة على الافراد والمجتمع ما جعل المشرع الاسلامي يقرر سرعة العقاب عليها حفظا على المجتمع ومنعا من انتشار الجريمة فيه .
ويقسم الفقهاء الجرائم الى اربعة اقسام :
1- منها ما يتعلق بحق الله سبحانه وتعالى وهي جرائم الاعتداء على المجتمع .
2- ومنها ما يتعلق بحق عبد من العباد .
3- منها ما يتعلق بحق الله وحق العباد.
4- ومنها ما يتعلق بحق الله وحق العباد ولكن حق العبد هو الغالب.
5- ومنها ما يتعلق بحق من حقوق العباد وحق المجتمع
اما الجرائم التي يغلب فيها حق العبد تسمى القصاص :
الفرق بين القصاص والحدود :
يقول صاحب كتاب الاشباه :
ان القصاص : كالحدود في سبع مسائل :
1- يجوز القضاء بعلم القاضي في القصاص دون الحدود.
2- القصاص يورث والحد لا يورث.
3- لا يصح العفو في الحدود ولو كان حد القذف ويصح في القصاص.
4- التقادم لا يمنع من الشهادة بالقتل بخلاف الحدود سوى حد القذف .
5- القصاص يثبت باشارة الاخرس وكتابة بخلاف الحد.
6- لا يجوز الشفاعة في الحدود وتجوز في القصاص.
7- الحدود سوى حد القذف والسرقة لا تتوقف على الدعوى بخلاف القصاص .
8- اشترط الامام لاستيفاء الحدود دون القصاص .
9- جواز الاعتياض في القصاص بخلاف حد القذف
فالعقوبة في الاسلام رغم شدتها في بعض الاحيان الا ان المقصود من النشديد هو الزجر والتخويف وليس العقوبة في حد ذاتها .
تعريف القتل :
القتل هو ازهاق روح انسان حى عمدا بالضرب بالسلاح أو ما يقوم مقام السلاح حتى الموت ، وهو محرم في جميع الشرائع السماوية الا اذا كان القتل قصاصا لاقامة حد من حدمد الله في الارض .
أنواعه :
1- قتل العمد الذي يجيز القصاص ويحرم من الميراث .
2- قتل المكره اتقاء لخطره او دفاعا لجريمته او كان القتل دفاعا عن النفس او المال او العرض .
حكم القاتل عمدا :
والقاتل عمدا له احكام في الدنيا واحكام في الاخرة ، اما احكام الدنيا فالقصاص لقوله تعالى :
( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )
العدل بالقصاص في القتل العمد :
جاء الامر صريحا بقتل القاتل عمدا قصاصا للمجنى عليه حتى يعلم الناس ان من قتل يقتل زوبذلك تصان حياة الناس من الهلاك قتلا وقصاصا لقوله تعالي ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ).
وقوله تعالى ( ولكم في الحياة قصاص يا اولى الالباب )
وذلك حتى يعلم القاتل انه سيقتل فيمتنع عن ذلك خوفا على حياته .
القتل شبه العمد والحكم فيه :
ومن انواع القتل الذي تتعلق به الاحكام ، القتل شبه العمد ، وهو أن يتعمد ضربه بما لا يقتل غالبا كالسوط والعصا الصغيره .
ويسمى شبه العمد في الشريعة الاسلامية لانه عمد من جهة القاتل خطأ من جهة الحكم ، وموجبه الاثم لان الجاني قصد ما هو محرم شرعا وهو ايذا أخيه الانسان بالضرب ، والكفارة والديه مغلظة على العاقلة تخفيفا على قاتل شبه العمد لانه ليس عنده نيه القتل .
القتل الخطأ :
القتل الخطأ ، وهو ان يرمي شخصا يظنه صيدا فإذا هو آدمي أو يرمي شخصا يظنه من الإعداد فإذا هو مسلم
وسبب العقوبة على الفعل الخطأ أنه لا يخلو من التعاون وعدم العناية والاحتياط
وما أجرى مجري الخطأ :
مثل النائم يتقلب على إنسان فيقتله فهو كالخطأ في الخطأ لان النائم لا قصد له يوصف فعله بالعمد ولا بالخطأ
القتل بسبب والحكم فيه :
ومن أنواع القتل الذي تتعلق به الاحكام القتل بسبب كحافر البئر واضع الحجر في غير ملكه فيعطب به انسان ، وموجبه الدية على العاقلة لانه يعتبر متعديا بحفرة بئرا ووضعه حجرا في غير ملكه ولا غثم ولا كفارة عليه .
اولا الدفاع عن العرض :
المتفق عليه عند الفقهاء المسلمين ان الدفاع عن العرض واجب ،فإذا أراد رجل اغتصاب امراة ، ولم تستطيع دفعة عنها الا بالقاتل فالواجب عليها أن تقتله متى امكنها ذلك :
ثانيا : الدفاع عن النفس :
اختلف فقهاء المسلمين في الدفاع عن النفس هل هو واجب ام جائز ؟ فظاهر مذهب الامام أبي حنيفه ، والرأى الغالب في مذهب الامام مالك : أن الدفاع عن النفس واجب لقوله صلى الله عليه وسلم ( من شهر على المسلمين سيفا فقد احل دمه )
والوجه الاول أنـــــه واجب لقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة )
والوجه الثاني :
أنه لا يجب الدفاع عن النفس لخبر أبي داود ( كن خير أنبي آدم )
ويختار فقها المسلمين رأي القائلين بوجوب الدفاع عن النفس ، ويقولون في ذلك انه يجب على المصلي عليه قتل الصائل متى تعين القتل طريقا لذلك لانه اذا لم يدفعه فقد مكنه من قتل نفسه وقتل بلا شك حرم على ما اتفق عليه فقهاء المسلمين لقوله تعالى : ( ولا تقتلوا انفسكم إن الله كان بكم رحيما )
الدفاع عن المال :
ويرى بعضهم وجوب الدفاع عن المال لما رواه مسلم واحمد عن ابي هريرة رضي الله عنه من أنه جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
( يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ فقال الرسول : فلا تعطه مالك ، فقال ارأيت إن قاتلني قال : فأقلته : فقال أرأيت أن قتلني فقال الرسول صلى الله عليه وسلم فأنت شهيد قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال فهو في النار .
الخاتمة :
ومن هذا النقل ينجلي لدينا ان الاحاديث الدالة على التخليد في النار للقاتل لنفسه انما هي محموله على المستحيل لذلك قال النووي في شرح مسلم ، أما قوله صلى الله عليه وسلم فهو في نار جهنم خالدا فيها مخلدا فيها ابدا هو محمول على من فعل ذلك مستحيلا مع علمه بالتحريم فهذا كافر وهذه عقوبته .
وقال النووي في شرح مسلم أن المراد بالخلود طول المدة والاقامة لا حقيقة الدوام كما يقال اخلد الله ملك السلطان أو أن هذه جزاه ، ولكن تكرم سبحانه فأخبر أنه لا يخلد في النار من مات مسلما
ولم يكن قتل الانسان نفسه الا نوعا من قتل النفس التي حرم الله قتلها وهو جدير في نظر العقل ان يكون افظع انواع القتل لان حرص الانسان على حياته امر طبيعي ليس من شأنه أن تثور عليه عوامل الغضب والانتقام فيرتكب تلك الفعلة الشنيعة .